لماذا محمد هو أعظم الشخصيات أثراً فى تاريخ الإنسانية كلها؟
أعظم 100 شخصية
1- محمد رسول الله (عليه الصلاة والسلام)
(632_570)
لقد اخترت محمداً صلى الله عليه وسلم فى أول هذه القائمة، ولابد أن يندهش كثيرون من هذا الإختيار، ولكن محمداً عليه السلام هو الإنسان الوحيد فى التاريخ الذى نجح نجاحا مطلقاً على المستوى الدينى والدنيوى.
وهو قد دعا إلى الإسلام ونشره كواحد من أعظم الديانات وأصبح قائداً سياسياً وعسكرياً ودينياً، وبعد 13 قرناً من وفاته، فإن أثر محمد عليه الصلاة والسلام ما يزال قوياً متجدداً.
وأكثر هؤلاء الذين اخترتهم قد ولدوا ونشأوا فى مراكز حضارية ومن شعوب متحضرة سياسياً وفكرياً، إلا محمداً عليه الصلاة والسلام، فهو قد ولد سنة 570 ميلادية فى مدينة مكة جنوب شبه الجزيرة العربية فى منطقة متخلفة من العالم القديم، بعيدة عن مراكز التجارة والحضارة والثقافة والفن.
وقد مات أبوه وهو لم يخرج بعد إلى الوجود، وأمه وهو فى السادسة من عمره، وكانت نشأته فى ظروف متواضعة وكان لا يقرأ ولا يكتب، ولم يتحسن وضعه المادى إلا فى الخامسة والعشرين من عمره عندما تزوج أرملة غنية.
ولما قارب الأربعين من عمره، كانت هناك أدلة كثيرة على أنه ذو شخصية فذة بين الناس، وكان أكثر العرب فى ذلك الوقت وثنيين يعبدون الأصنام، وكان يسكن مكة عدد قليل من اليهود والنصارى، وكان محمد عليه الصلاة والسلام على علم بهاتين الديانتين.
وفى الأربعين من عمره امتلأ قلبه إيماناً بأن الله واحدٌ أحد، وأن وحياً ينزل عليه من السماء، وأن الله قد اصطفاه ليحمل رسالة سامية إلى الناس، وأمضى محمداً عليه الصلاة والسلام ثلاث سنوات يدعو لدينه الجديد بين أهله وعدد قليل من الناس وفى 613 ميلادية آذن الله لمحمد عليه الصلاة والسلام بأن يُجاهر بالدعوة إلى الدين الجديد فتحول قليلون إلى الإسلام.
وفى 622 ميلادية هاجر الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة المنورة، وهى تقع على مدى 200 كيلو متر من مكة المكرمة، وفى المدينة المنورة اكتسب الإسلام مزيداً من القوة واكتسب رسوله عدداً كبيراً من الأنصار.
وكانت الهجرة إلى المدينة المنورة نقطة تحول فى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وإذا كان الذين تبعوه فى مكة قليلين، فإن الذين ناصروه فى المدينة كانوا كثيرين.
وبسرعة اكتسب الرسول قوة ومنعة، وأصبح أقوى وأعمق أثراً فى قلوب الناس.
وفى السنوات التالية، تزايد عدد المهاجرين والأنصار، واشتركوا فى معارك كثيرة بين أهل مكة من الكفار، وأهل المدينة من المهاجرين والأنصار.
وانتهت كل هذه المعارك فى سنة 630 بدخول الرسول منتصراً إلى مكة، وقبل وفاته بسنتين ونصف السنة شهد محمد عليه الصلاة والسلام الناس يدخلون فى دين الله أفواجاً..، ولما توفى الرسول عليه الصلاة والسلام، كان الإسلام قد انتشر فى جنوب شبه الجزيرة العربية.
وكان البدو من سكان شبه الجزيرة مشهورين بشراستهم فى القتال، وكانوا ممزقين أيضاً، رغم أنهم قليلوا العدد، ولم تكن لهم قوة أو سطوة العرب فى الشمال الذين عاشوا على الأرض المزروعة.
ولكن الرسول إستطاع ولأول مرة فى التاريخ، أن يوحد بينهم وأن يملأهم بالإيمان وأن يهديهم جميعاً بالدعوة إلى الإله الواحد، ولذلك استطاعت جيوش المسلمين الصغيرة المؤمنة أن تقوم بأعظم غزوات عرفتها البشرية فاتسعت الأرض تحت أقدام المسلمين من شمالي شبه الجزيرة العربية وشملت الإمبراطورية الفارسية على عهد الساسانيين و إلى الشمال الغربى واكتسحت بيزنطة والإمبراطورية الرومانية الشرقية.
وكان العرب أقل بكثير جداً من كل هذه الدول التى غزوها وانتصروا عليها، وفى 642 انتزع العرب مصر من الإمبراطورية البيزنطية، كما أن العرب سحقوا القوات الفارسية فى موقعة القادسية فى 637 وفى موقعة نينوى فى 642، وهذه الإنتصارات الساحقة فى عهد الخليفتين أبى بكر الصديق وعمر بن الخطاب، لم تكن نهاية الزحف العربى والمد الإسلامى فى العالم.
ففى 711 اكتسحت القوات الإسلامية شمال أفريقيا حتى المحيط الأطلسى، ثم اتجهت القوات الإسلامية بعد ذلك إلى مضيق جبل طارق وعبروا إلى أسبانيا.
وساد أوروبا كلها شعور فى ذلك الوقت بأن القوات الإسلامية تستطيع أن تستولى على العالم المسيحى كله، ولكن فى 732 وفى موقعة تور بفرنسا، انهزمت الجيوش الإسلامية التى تقدمت إلى قلب فرنسا، ورغم ذلك فقد استطاع هؤلاء البدو المؤمنون بالله وكتابه ورسوله أن يقيموا إمبراطورية واسعة ممتدة من حدود الهند حتى المحيط الأطلسى، وهى أعظم إمبراطورية أقيمت فى التاريخ حتى اليوم، وفى كل مرة تكتسح هذه القوات بلداً، فإنها تنشر الإسلام بين الناس.
ولم يستقر العرب على هذه الأرض التى غزوها، إذ سرعان ما انفصلت عنها بلاد فارس، وإن كانت قد ظلت على إسلامها، وبعد سبعة قرون من الحكم العربى لأسبانيا والمعارك المستمرة، تقدمت نحوها الجيوش المسيحية فاستولت عليها، وانهزم المسلمون..
أما مصر والعراق مهدا أقدم الحضارات الإنسانية فقد انفصلتا، ولكن بقيتا على دين الإسلام وكذلك كل شمال أفريقيا.
وظلت الديانة الجديدة تتسع على مدى القرون التالية، فهناك مئات الملايين فى وسط أفريقيا وباكستان وأندونيسيا، بل إن الإسلام قد وحد بين أندونيسيا المتفرقة الجزر والديانات واللهجات، وفى شبه القارة الهندية انتشر الإسلام وظل على خلاف مع الديانات الأخرى.
والإسلام مثل كل الديانات الكبرى كان له أثر عميق فى حياة المؤمنين به، ولذلك فمؤسسو الديانات الكبرى ودعاتها موجودين فى قائمة المائة الخالدين.
وربما بدا شيئاً غريباً حقاً، أن يكون الرسول محمد عليه الصلاة والسلام فى رأس هذه القائمة، رغم أن عدد المسيحيين ضعف عدد المسلمين، وربما بدا غريباً أن يكون الرسول عليه الصلاة والسلام هو رقم واحد فى هذه القائمة، بينما عيسى عليه السلام هو رقم 3 وموسى عليه السلام رقم 16.
ولكن لذلك أسباب :
أما الرسول صلى الله عليه وسلم فهو المسؤول الأول والأوحد عن إرساء قواعد الإسلام وأصول الشريعة والسلوك الإجتماعى والأخلاقى وأصول المعاملات بين الناس فى حياتهم الدينية والدنيوية، كما أن القرآن الكريم قد نزل عليه وحده، وفى القرأن الكريم وجد المسلمون كل ما يحتاجون إليه فى دنياهم وآخرتهم.
والقرآن الكريم نزل على الرسول كاملا، وسجلت آياته وهو ما يزال حياً، وكان تسجيلاً فى منتهى الدقة، فلم يتغير منه حرف واحد.. وليس فى المسيحية شئ مثل ذلك، فلا يوجد كتاب واحد محكم دقيق لتعاليم المسيحية يشبه القرآن الكريم، وكان أثره على الناس بالغ العمق، ولذلك كان أثر محمد عليه الصلاة والسلام على الإسلام أكثر وأعمق من الأثر الذى تركه عيسى عليه السلام على الديانة المسيحية.
فعلى المستوى الدينى كان محمداً عليه الصلاة والسلام قوياً فى تاريخ البشرية، وكذلك كان عيسى عليه السلام.
وكان الرسول عليه الصلاة والسلام على خلاف عيسى عليه السلام رجلاً دنيوياً فكان زوجاً وأباً، وكان يعمل فى التجارة ويرعى الغنم، وكان يحارب ويصاب فى الحروب ويمرض .. ثم مات ..
ولما كان الرسول عليه الصلاة والسلام قوة جبارة، فيمكن أن يقال أيضاً إنه أعظم زعيم سياسى عرفه التاريخ، وإذا استعرضنا التاريخ، فإننا نجد أحداثاً كثيرة من الممكن أن تقع دون أبطالها المعروفين ..
مثلا:
كان من الممكن أن تستقل مستعمرات أمريكا الجنوبية عن أسبانيا دون أن يتزعم حركاتها الإستقلالية رجل مثل سيمون بوليفار.. هذا ممكن جداً ، على أن يجئ بعد ذلك أى إنسان ويقوم بنفس العمل.
ولكن من المستحيل أن يقال ذلك عن البدو، وعن العرب عموماً وعن إمبراطوريتهم الواسعة، دون أن يكون هناك محمد صلى الله عليه وسلم، فلم يعرف العالم كله رجلا بهذه العظمة قبل ذلك، وما كان من الممكن أن تتحقق كل هذه الإنتصارات الباهرة بغير زعامته وهدايته وإيمان الجميع به.
ربما ارتضى بعض المؤرخين أمثلة أخرى من الغزوات الساحقة، كالتى قام بها المغول فى القرن الثالث عشر، والفضل فى ذلك يرجع إلى جنكيز خان، ورغم أن غزوات جنكيز خان كانت أوسع من غزوات المسلمين، فإنها لم تدم طويلا.. ولذلك كان أثرها أقل خطراً وعمقاً.
فقد انكمش المغول وعادوا إلى احتلال نفس الرقعة التى كانوا يحتلونها قبل ظهور جنكيز خان.
وليست كذلك غزوات المسلمين، فالعرب يمتدون من العراق إلى المغرب، وهذا الإمتداد يحتوى دولا عربية، لم يوحد بينها الإسلام فقط، ولكن وحدت بينها اللغة والتاريخ والحضارة، ومن المؤكد أن إيمان العرب بالقرآن، هذا الإيمان العميق، هو الذى حفظ لهم لغتهم العربية وأنقذها من عشرات اللهجات الغامضة.
صحيح أن هناك خلافات بين الدول العربية، وهذا طبيعى، ولكن هذه الخلافات يجب أن لا تنسينا الوحدة المتينة بينها.
مثلا:
لم تشترك إيران المسلمة وأندونيسيا المسلمة فى فرض حظر البترول على العالم الغربى فيما بين 1973 و 1974، بينما نجد أن الدول العربية البترولية قد شاركت جميعاً فى هذا الحظر!
وهذا الموقف العربى الموحد يؤكد لنا، أن الغزوات العربية التى سادت القرن السابع، ما يزال دورها عميقاً وأثرها بليغاً فى تاريخ الإنسانية حتى يومنا هذا.
فهذا الإمتزاج بين الدين والدنيا هو الذى جعلنى أؤمن بأن محمد صلى الله عليه وسلم هو أعظم الشخصيات أثراً فى تاريخ الإنسانية كلها !
تم النشر بواسطة : هدى حسين